بحث في المدونة

الخميس، 11 أبريل 2019

جزيرة السحر والأساطير.. سقطرى




الجزيرة العجيبة ذات السحر اللامتناهي والتي سلبت عقول العديد من الرحالة بإثارة فضولهم لاستكشاف هذه الهبة الربانية الفريدة. إنها جزيرة سقطرى اليمنية التي تعد اسطورة بالفعل فهي  من   بين الجزر في العالم الأكثر غرابة وتميزا بما تحويه من كائنات حية ونباتية، أطلق عليها القدماء جزيرة النعيم وجزيرة الأساطير، وما يزال العلماء المعاصرون يطلقون عليها التسميات ذاتها.

تقع سُقُطَرى في جنوب شبه الجزيرة العربية عند نقطة التقاء بحر العرب بالمحيط الهندي، وتمثل كبرى الجُزر اليمنيّة والعربية، وتبعد 300 ميل من رأس فرتك في محافظة المهرة كأقرب نقطة في الساحل اليمنيّ، كما تبعد عن محافظة عدن 553 ميلاً، وتبلغ مساحتها 3700 كيلومتر مربع تقريباً، ويبلغ طولها 125 كيلومتراً وعرضها 42 كيلومتراً، وعدد سكانها 150 ألف نسمة بحسب آخر إحصائيات.


حين تسافر إلى جزيرة سقطرى وتتنقل في ربوعها ستشعر و كأنك في عالم من الأساطير، ستشاهد أنواعا عددة ونادرة من الأعشاب والأشجار التي تزدهي بها تلك التضاريس مع إيقاع خرير الينابيع الطبيعية والجداول وأصوات الحيوانات التي تحلق على علوها هناك أيضا في هذه الجزيرة فصائل فريدة من الطيور والفراشات، ستشعرك مع كل هذا وكأنك في رحلة من رحلات السندباد.
 



على عمق ارتباطها بالهُوية والثقافة العربية منذ أزمان غابرة، لم يستطع عدد من الأقوام التي نزلتها أن يؤثروا في صِلتها العربية بهُوية اليمن، وهو ما أكدته مراجع علمية تتبعت صِلة ممالك اليمن القديم بهذه الجزيرة منذ الحميريين وحتى السلطنة العفرارية في المهرة/جنوب اليمن في النصف الأول من القرن العشرين. خلال التاريخ القديم كان لهذه الجزيرة شأنها ومكانتها، حيث مثلت قديماً، سوقاً عالمية لتبادل السلع، بين عدد من الشعوب كالهنود والصينيين والعرب والافارقة الذين كانوا يلتقون فيها ويتبادلون سلعهم ويشترون منها السلع المقدسة التي كانت تتميز بها. وعُرفت سُقُطَرى منذ بداية الألف الأول للميلاد باعتبارها أحد أهم مراكز إنتاج وتصدير السلع المستخدمة في أحياء الطقوس في ديانات الشرق القديم، لذا سميت بـ»جزيرة التجارة المقدسة» لارتباطها تاريخياً بطريق البخور، كما سميت «جزيرة البخور» باعتبارها من أهم من مواطن أشجار اللبان «البخور» على مستوى العالم، وهي الشهرة التي تعود إلى بداية العصر الحجري.





جاءت تسمية «سُقُطَرى» وتكتب أحياناً «سُقُطَرة» وفق إحدى القراءات، من «سوق قطرة» أو «سوق التحلبات الناضجة» وهو ما تم تحويره إلى سُقُطَرى بضم الحرفين الأول والثاني وفتح الثالث، وهي تحلبات أشجارها وخاصة شجرة العَنْدَمْ أو شجرة دم الأخوين، وهذه الشجرة التي تشبه الشمسيات ولا توجد في أي مكان في العالم إلاّ هناك، ولمكونات ومخرجات هذه الشجرة استخدامات أثبتت جدواها غذائياً وطبياً عبر التاريخ.
تبدو تضاريس الأرخبيل من الطائرة، وكأنها أشبه بمحار لؤلؤ، وعندما تقترب الطائرة أكثر ستبدو الجزيرة كأنها امرأة أكملت الاستحمام لتوها، ومستلقية على زرقة البحر


في المطار يكون البخور السقطري وحبل مُجَهر هما أول ما يستقبلانك، فخلال تنسمك رائحة البخور ستغتسل عيناك بمنظر الجبل، وهو ينتصب أمامك مُزداناً بحلة خضراء. تنتقل من المطار إلى «حديبو» عاصمة الجزيرة ومركز المحافظة، بواسطة سيارة تعبر طريقا يمر بمحاذاة الشاطئ عند سفوح الجبال، وعلى جنبات الطريق ستدهشك مشاهد تختزل تنوع سحر الطبيعة هناك. فعلى الغرب من الطريق بساط نباتي أخضر، تتخلل البساط أشجار عجيبة كل منها له جذوع اسطوانية ملساء، وفي أعلى الجذوع تخرج أفرع ثنائية على هيئة أذرع، وتتفرع في نهاية هذه الأفرع عناقيد زهرية، فيما لا يفوتك أن تنظر إلى الشاطئ وتستغرق في تأمل منظر تداخُل اليابسة مع البحر في أشكال نصف دائرية تغمرها مياه يزيد من جمال زرقتها وأشكال شواطئها تلك الصخور التي استقرت فيها لتكون محطاً لطيور جميلة تتناوب عليها. مشاهدٌ يتداخل في نسج جمالها الساحل والجبل والوادي.


ليست النباتات والأشجار الشيء الوحيد الفريد في سقطرى ففيما يخص الطيور والكائنات الحية، مثلاً، تقول مصادر علمية إن جزر سُقُطَرى تعتبر موئلاً طبيعياً للعديد من أنواع الطيور والحشرات والأحياء البرية والمائية فهناك 179 نوعاً من الطيور التي تعيش في 32 موقعاً على الجزيرة منها 41 نوعاً تقيم وتتكاثر وتشمل ستة أنواع من الطيور المستوطنة التي لا وجود لها في مكان آخر من العالم. كما تنفرد بيئة الجزيرة بأنواع كثيرة من الحشرات منها فراشات النهار المستوطنة وعددها 15 نوعاً وفراشات الليل وتضم 90 نوعاً إلى جانب 100 نوع آخر من الحشرات 80 منها خاصة بسُقُطَرى. كما تعتبر شواطئ أرخبيل سُقُطَرى من أفضل مصائد اللؤلؤ في العالم، ويوجد في سواحل الأرخبيل وأعماقه أنواع متعددة من الأسماك وكذلك الأحياء البحرية، التي يتوفر منها نحو 60 نوعاً من الإسفنجات إضافة إلى أنواع أخرى من الصدفيات وغيرها، والتي تلعب دوراً مهماً في التوازن البيئي. كل مفردات هذه الخصوصية وغيرها جعلت سُقُطَرى من أهم الجزر في العالم ووضعتها في طليعة اهتمامات المرفق البيئي العالمي «GFF».
 
 


ستندم فعلا إن لم تزر الجزيرة العجيبة وتكتشف بنفسك سحرها وأساطيرها الخلابة.
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق